السبت، 28 سبتمبر 2024

الحديث المسلسل بتلقين كلمة لا إله إلا الله


وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يُغْمِضَ الطَّالِبَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ الشَّيْخُ: "لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالطَّالِبُ يَسْمَعُ ثُمَّ يَقُولُ الطَّالِبُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَالشَّيْخُ يَسْمَعُ.

وَتَلَقَّنْتُ ذَلِكَ مِنْ أَحْمَدَ مَرْوَزِيٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ صِدِّيقٍ الْبَتَاوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَاسِينَ الْفَادَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدٌ مُخْتَارٌ بْنُ عَطَارِدَ، قَالَ: تَلَقَّنْتُ ذَلِكَ مِنْ مُحَمَّدٍ أَمِينٍ الْمَدَنِيِّ وَهُوَ سَمِعَ ذَلِكَ، وَتَلَقَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ أَمِينٌ مِنْ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْمُجَدِّدِيِّ وَهُوَ سَمِعَ ذَلِكَ، وَتَلَقَّنَ ذَلِكَ الْمُجَدِّدِيُّ مِنْ مُحَمَّدٍ عَابِدٍ السِّنْدِيِّ وَهُوَ سَمِعَ ذَلِكَ، وَهُوَ تَلَقَّنَ وَأَخَذَ ذَلِكَ السِّنْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ مَقْبُولٍ الْأَهْدَلِ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمِزْجَاجِيِّ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ عَقِيلَةَ الْمَكِّيِّ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَحْمَدَ الْأَحْمَدِيِّ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي الْمَوَاهِبِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ أَحْمَدَ الْبَطَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَثِ الشِّنَّاوِيِّ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ وَالِدِهِ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ وَالِدِهِ عَلِيٍّ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ وَالِدِهِ عَبْدِ الْقَدُّوسِ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ وَالِدِهِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَخَذَ عَنْ وَالِدِهِ أَحْمَدَ الْبَطَلِ الشَّهِيرِ بِالْأَخْرَسِ، وَالِدِهِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَثِ، عَنْ عُمَرَ الشِّنَّاوِيِّ السُّطُوحِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مَشِيشٍ الْحَسَنِيِّ، عَنْ أَبِي مَدْيَنٍ الْمَغْرِبِيِّ، عَنْ أَبِي يَعْزَى، عَنْ نُورِ الدِّينِ عَلِيٍّ بْنِ حَرْزِهِمْ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ حُجَّةِ الْإِسْلَامِ أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدٍ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغَزَّالِيِّ، عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الْجُوَيْنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَنِ السَّرِّي بْنِ مُغَلِّسٍ السَّقَطِيِّ، عَنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنِ نَصِيرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ حَبِيبٍ الْعَجَمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، عَنْ سَيِّدِ الْوُجُودِ وَمَنْبَغِ الْفَيْضِ والْجُودِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ مُخْتَارٌ مُعَلِّقًا: قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي عُقُودِ اللَّآلِي قَدْ نَقَلَ الْحَدِيثَ الشِّيْخُ يُوسُفُ الْعُجَيْمِيُّ الْكُورَانِيُّ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ وَلَمْ تَزَلِ السَّادَةُ الصُّوفِيَّةُ يَتَلَّقَوْنَهُ بِالْقَوْلِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ والدُّهُورِ. قَالَ الشَّيْخُ الْعَارِفُ بِاللَّهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَوُثُ الشَّطَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْجَوَاهِرِ الْخَمِسِ فِي الْجَوَاهِرِ الرَّابِعِ بَعْدَ كَلَامٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! دُلَّنِي عَلَى أَقْرَبِ الطُّرُقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْهَلِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَأَفْضَلِهَا عِنْدَ اللَّهِ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَلِيُّ! عَلَيْكَ مُدَاوَمَةَ ذِكْرِ اللَّهِ فِي الْخَلْوَةِ". فَقَالَ عَلِيٌّ: "كَيْفَ أَذْكُرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ!". قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "غَمِّضْ عَيْنَيْكَ وَاسْمَعْ مِنِّي ثَلَاثُ مَرَّاتٍ". فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَعَلِيٌّ يَسْمَعُ. ثُمَّ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ. انْتَهَى. قُلْتُ: وَقَدْ سَاقَ الْحَدِيثَ الْكُورَانِيُّ فِي مَسَالِكِ الْأَبْرَارِ وَكَذَلِكَ الْبُدَيْرِيُّ فِي ثَبَتِهِ نَقْلًا عَنْ رِسَالَةِ الشَّيْخِ يُوسُفَ الْعُجَيْمِيِّ الْمُسَمَّاةُ بِرَيْحَانَةِ الْقُلُوبِ فِي التَّوَصُّلِ إِلَى الْمَحْبُوبِ، لَكِنْ بِبَعْضِ زِيَادَاتٍ عَلَى مَا هُنَا وَفِيهِمَا. ثُمَّ لَقَّنَ عَلِيًّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَلَقَّنَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَبِيبًا الْعُجَيْمِيِّ. وَهَكَذَا إِلَى آخِرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلَةَ: قُلْتُ يُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَلْقِينِ الذِّكْرِ مَا رَوَى فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي شَدَّادٌ بْنُ أَوْسٍ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتُ حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ، قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: "هَلْ فِيكُمْ غَرِيبٌ؟"، يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ، قُلْنَا: "لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ"، فَأَمَرَ بِغَلْقِ الْبَابِ، فَقَالَ: "ارْفَعُوا أَيْدِيكُمْ فَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". فَرَفَعْنَا أَيْدِيَنَا سَاعَةً. ثُمَّ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ثُمَّ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ بَعَثْتَنِي بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَأَمَرَتْنِي بِهَا وَوَعَدْتَنِي عَلَيْهَا الْجَنَّةَ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ". ثُمَّ قَالَ: "أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ". وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ وَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. اللَّهُمَّ إِنَّك بَعَثْتَنِي بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَأَمَرْتَنِي بِهَا وَوَعْدَتَنِي عَلَيْهَا الْجَنَّةَ وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. أَلَا أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ". وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَقِّنُوا مَوْتَكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّهَا تَهْدِمُ الْخَطَايَا كَمَا يَهْدَمُ السَّيْلُ الْبُنْيَانَ". قَالُوا: "فَكَيْفَ لِلْأَحْيَاءِ؟". قَالَ: "أَهْدَمُ أَهْدَمُ". يَنْتَهِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلَةَ. قُلْتُ لَكِنْ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجَهَهُ كَلَامٌ مَشْهُورٍ بَيْنَ الْمُحَدِّثِينَ. فَبَعْضُهُمْ أَثْبَتَهُ وَبَعْضُهُمْ نَفَاهُ. وَذَكَرَ هَذَا الْمَبْحَثَ الْمُنْلَا إِبْرَاهِيمُ الْكُورَانِيُّ فِي مَسْلَكِ الْأَبْرَارِ وَذَكَرَ أَنَّ مِمَّنْ أَثْبَتَهُ الْجَلَالَ السُّيُّوطِيَّ فِي إِتْحَافِ الْفِرْقَةِ بِرَفْعِ الْخِرٌقَةِ وَأَنَّهُ قَالَ هُوَ الرَّاجِحِ عِنْدِي لِوُجُودِهِ وَسَاقَهَا وَرَجَّحَهُ أَيْضًا الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ وَقِيلَ لَمْ يَسْمَعْ وَمَشَى عَلَيْهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَطْرَافِ الْمُخْتَارَةِ وَلَكِنَّهُ بَعْدَ رَجَّحَ سَمَاعَهُ وَصَحَّحَهُ وَقَوَّأهُ الْكُورَانِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ أَثْبَتَهُ جَمْعٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ جَامِعٌ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ كَالْعَارِفِ الْكَبِيرِ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ السَّهْرَوَرْدِيِّ وَالْقُطْبِ الْغَوْثِ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ الْجَيْلَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ وَنَفَعَنَا بِهِمْ وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ -أَمِيرٌ كَظُمَ-: بَلْ لَا خِلَافَ بَيْنَ النُّقَّادِ الْحُذَّاقِ الْجَهَابِذَةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ الْمُتَقِّدِمِينَ فِي أَنَّ رِوَايَةَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرْسَلٌ عَلَى سَبِيلِ الْيَقِينِ الْقَوِيِّ بِلَا شَكٍّ! نَقَلَ الْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرَّجَالِ عَنْ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: "وَاللَّهِ مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ بَدَرِيٍّ وَاحِدٍ مُشَافَهَةًّ!". وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "مَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مُشَافَهَةً". وَنَقَلَ البَيْهَقِيُّ فِي مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: "رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ تَثْبُتْ وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَرَوْنَهَا مُرْسَلَةً". قَالَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي تَارِيخِهِ بِرِوَايَةِ الدُّورِيِّ: "لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ شَيْئًا". وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ: "لَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا". قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ: "وَلَا نَعْرِفُ لِلْحَسَنِ سَمَاعًا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ". وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَصْبِ الرَّايَةِ لِأَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ عَنِ الْبَزَّارِ أَنَّهُ قَالَ: "جَمِيعُ مَا يَرْوِيهِ الْحَسَنُ عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ". وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ الْكُبْرَى: "لَيْسَ فِيمَا أُورِدُهُ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ عَلِيٍّ". وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ: " الْحَدِيثُ السَّابِعُ لُبْسُ الْخِرْقَةِ. الْمُشْتَهِرُ بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ بِالْإِسْنَادِ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَنَّ الْحَسَنَ لَبَسَهَا مِنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ وَلَمْ يَسْمَعِ الْحَسَنُ مِنْ عَلِيٍّ حَرْفًا بِالْإِجْمَاعِ، فَكَيْفَ يَلْبَسُهَا مِنْهُ؟".

فَلَا اعْتِبَارَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينِ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي مُخَالَفَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَيْسَ خِلَافُهُمْ بِشَيْءٍ قَطٌّ أَصْلًا قَطْعًا! وَقَوْلُهُمْ فِيهِ اخْتِلَافٌ لَا أَصْلَ لِبِنَاءِ دَعْوَاهُمْ وَإِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَقْبِلَهَا، فَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ لِمُقَاوَمَةِ مَنْ خَلَفَ بَعِيدًا مِنْ ذَوْقِ عَصْرِ صِنَاعَةِ النَّقْدِ الْمُبَاشِرِ -وَفِي عَصْرِنَا صِنَاعَةُ النَّقْدِ الْمَنْقُولِيِّ-.

وَأَمَّا إِدْرَاكُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَلِيًا وَرُؤْيَتُهُ إِيَّاهُ، فَلَا يَعْنِي أَنَّهُ أَخَذَ الْحَدِيثَ عَنْهُ وَسَمِعَهُ. نَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ: "هَلْ لَقِيَ الْحَسَنُ أَحَدًا مِنَ الْبَدَرِيِّينَ؟"، قَالَ: "رَآهُمْ رُؤْيَةً. رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَلِيًّا". قِيلَ لَهُ: "سَمِعَ مِنْهُمَا حَدِيثًا؟". قَالَ: "لَا. وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَوْمَ بُويِعَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ابْنَ أَرْبَعَ عَشَرَة وَرَأَى عَلِيًّا بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَلَمْ يَلْقَهُ الْحَسَنُ بَعْدَ ذَلِكَ".فَمِسْكِينٌ ثُمَّ مِسْكِينٌ لِلَّذِي لَا يَفْقَهُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا.

يَا لَيْتَ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينُ يَتَأَمَّلُونَ مَا قَالَ عَلِيٌّ ابْنُ الْمَدِينِيُّ كَمَا نَقَلَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ فِي الْمَرَاسِيلِ: قَالَ لِي فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ". إِنَّمَا هُوَ كَقَولِ ثَابِتٍ: "قَدِمَ عَلَينَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَينِ" وَمِثْلُ قَولِ مُجَاهِدٍ: "قَدِمَ عَلَينَا عَلِيُّ" وَكَقَولِ الْحَسَنِ: "أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جَعْشَمٍ حَدَّثَهُمْ" وَكَقَولِهِ: "غَزَا بِنَا مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ". وَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: "الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَولُهُ "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ"، يَعْنِي خَطَبَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ".

فَهَذَانِ يَكْفِيَانِ لِمَنْ لَهُ عَقْلٌ فِي كَشْفِ التَّعْلِيلِ وَعِلْمٌ فِي مُمَارَسَةِ الصِّنَاعَةِ بِأَنَّ تَوْجِيهَ الْاحْتِمَالَاتِ الَّذِي قَدَّمُوهَا فِي كُتُبِهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ فِي إِثْبَاتِ سَمَاعِهِ وَرِوَايَتِهِ عَنْهُ لَا وَجْهَ لَهُ وَأَنَّهَا فَارِغَةٌ عَنْ مُسْتَنَدٍ. فَيَا عَجَبًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ يَسْتَمِرُّون فِي أَنْ يَتَكَلَّفَ عَمَايَةً مَرَّاتٍ بَعْدَ مَرَّاتٍ تَكَلُّفًا شَدِيدًا قَدْ نَقَضَ أُصُولَهُمْ النُّقَّادُ وَضَعَّفَوهَا بِسُهُولَةِ الْاسْتِدْلَالِ بِالْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَبَعُدُوا بُعْدًا عَظِيمًا عَنْ نَهْجِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُمْ لَا يُوَاصِلُونَ سِلْسِلَةَ الرِّوَايَةِ إِلَّا بِالطَّرِيقِ الْمُعَبَّدِ الْمُقَامِ مِنْ أَيْدِي أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَلِلْأَسَفِ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْهَفْوَةِ نَفَرٌ مِمَّنْ لَهُمْ أَهْلٌ مَتِينٌ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ، بَلْ عُلُوُّ كَعْبِهِمْ عِنْدَ أَرْبَابِهِمِ وَتَرَكَوا السَّبِيلَ الْبَسِيطَ مِثْلَ هَذَا لِأَغْرَاضٍ مُنْحَرِفَةٍ إِمَّا مُتَعَصِّبًا لِمَا يَشْتَهِي الْمُحَامَاةُ عَنْهُ وَإِمَّا غَيْرَهُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق